اقتصاد هذا موقف خبيري اقتصاد من زيادة أجــور الأمـنـيـين ومديري البنوك العموميـة
أعلن وزير المالية سليم شاكر مؤخرا عن قرار الوزارة المتعلق بالترفيع في أجور المديرين العامين للبنوك العمومية في تونس من 4 الاف دينار الى 20 ألف دينار.
كما نفذ الأمنيون من كافة الوحدات، جملة من الاعتصامات للمطالبة بحقوقهم المادية والمهنية على غرار الترفيع في الأجور بـ230 دينارا لأقل رتبة امنية وحوالي 260 د لأعلى رتبة والحصول على زيادة في منح الخطر بـ150 دينارا ومنحة التربص التأهيلي، ويبدو أن هذه المطالب في طريقها الى التحقق، وفق تصريحات الطرفين الحكومي والنقابي.
تأتي جملة هذه الزيادات والمطالب، في ظل وضع اقتصادي ومالي خانق، لتخلق جدلا واسعا لدى الرأي العام التونسي، بين مؤيد يرى أنها ضرورية ومعارض يقول إنّه كان من الأجدر أن يتم توفير مواطن شغل للعاطلين بالمبالغ التي ستخصص للزيادات.
حول هذه الاشكالات، اتصلت أخبار الجمهورية بخبراء في المالية والاقتصاد وكانت آراؤهم كالآتي:
لطفي بن عيسى: الزيادة في أجور رؤساء البنوك تعمّق الشرخ بين الطبقات
اعتبر الخبير في المالية العمومية والقيادي في حزب القطب لطفي بن عيسى أنّ المطالب الاجتماعية للأمنيين مشروعة ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار إذ أنّه من الضروري أن يتم تحسين ظروفهم المادية والمعيشية، حتى لا يكونوا عرضة للرشوة والابتزاز.
وفي المقابل، اعتبر بن عيسى، أن الترفيع في أجور المديرين العامين يعطي رسالة سلبية للرأي العام، خصوصا وأن هناك احتجاجات من المعطلين عن العمل المطالبين بالتشغيل، حيث كان من الممكن التريث قبل اتخاذ مثل هذا القرار. وأضاف أنّ هذه الزيادة تؤشر لإرادة تثبت الشرخ العميق بين الطبقات كما تؤجج الشعور «بالحقرة».
وقال بن عيسى:«الادارة التونسية تعج بالكفاءات من ذوي الخبرة، ومن يريد مغادرة منصبه، من المؤكد أن هناك من سيعوضه».
وبخصوص اعادة النظر في اصلاح المنظومة البنكية، ذكر بن عيسى أنّ الإصلاح تم بشكل غامض بعيدا عن الشفافية، مضيفا أنّنا لا نعلم تحديدا كيفية التصرف في القروض وفي ماذا يتم توظيفها.
كما أكد الخبير المالي أن الاصلاحات التي تقودها الحكومة تفتقر للارادة السياسية ناهيك عن كونها تتستر عن عمل لوبيات سياسية ومالية، همها الوحيد، الدفاع عن مصالح قطاعية ضيقة.
وأكد بن عيسى أن الأموال متوفرة لو تم حسن التصرف فيها، غير أن الارادة السياسية لمقاومة التهرب الجبائي والضريبي تكاد تكون منعدمة.
معز الجودي: نعم للزيادات، ولكن..
اعتبر الخبير الاقتصادي، معز الجودي أن الزيادة في الأجور، في الظرف الراهن، ليست ممكنة ومضرة، ذلك لأن الاقتصاد لا يخلق الثروة، وأصبحت الأجور في الوظيفة العمومية تمنح من القروض، أي أن الزيادات في هذه الحالة ستخلق تضخما ماليا وستضاعف العجز في الميزانية، مضيفا أن الطلب عندما يفوق العرض، سيخلق تضخما وينعكس بالسلب على المقدرة الشرائية للمواطن، على حد قوله.
لكن محدثنا أوضح أن الزيادة بالنسبة للأمنيين، ضرورية رغم الظرف الاقتصادي الخانق، باعتبار أن مرتباتهم كانت ضعيفة وخاصة منحة الخطر، كما من المرجح أن تحصن الزيادة رجل الأمن من الرشوة والابتزاز وتدفعه الى مقاومة التهريب بأكثر جدية، وهذه العوامل هي التي تدفع بالاقتصاد الوطني الى الانهيار.
من جانب اخر، أكد الخبير الاقتصادي أن 87 بالمائة من الاستثمارات تأتي من البنوك العمومية، لذلك يجب أن يكون على رأسها كفاءات لتسييرها باحكام، وبالتالي فان قرار الزيادة في أجور المديرين لهذه البنوك صائب وفي محله، ومن غير المعقول أن يكون مرتب مدير مؤسسة بنكية عمومية متدنيا كما كان، على حد قوله.
واعتبر معز الجودي أن هذه الزيادات، جاءت في اطار برنامج اصلاح المنظومة البنكية العمومية، والتي يبدو أنها جدية من حيث الدفع نحو الشفافية والتسيير السليم، ومن بين القرارات التي اندرجت ضمن هذه الاصلاحات، ذكر الجودي الآتي :
ـ الفصل بين المدير العام ورئيس مجلس الادارة (تتمثل مهمة رئيس مجلس الادارة في الرقابة كما أنه لا يتمتع بمدخول قار انما بمنحة)
ـ احداث لجان تدقيق صلب البنك ولجان مخاطر
ـ المتصرفون يتم تعيينهم من مجلس الادارة
ـ البنك المركزي وضع متصرفين مستقلين اثنين في كل بنك عمومي
ولم ينف الجودي أن المنظومة المالية والبنكية تعاني صعوبات خانقة، اذ تتطلب اصلاحات تشريعية جذرية وعميقة فضلا عن الارادة السياسية.
نضال الصيد